الاخبار
 

                                                                                                                   

الرئيسية                 إتصل بنا    English

 

              
 

 

89/ ‎تحقيقات/ حِرَف الأجداد في غزة.. توثيقٌ للصمود وإحياءٌ للتراث      

 

 
عمان 12 تشرين الأول (بترا) بشرى نيروخ- من قلب الحرب والتدمير على مدى سنتين كاملتين سبقهما حصار لا يذكر التاريخ مثيلاً له، نسج أهالي غزة خيوط الحياة من رماد النار التي أتت على أصول الحياة وضروراتها، معيدين إلى الواجهة مهناً وحرفاً كادت أن تندثر، لتتحول المعاناة إلى مساحة للإبداع والتمسك بالهوية والأرض.
هذا المشهد المفعم بالصمود شكل محور بحث للباحث الاكاديمي في قسم اللغة العربية بجامعة الأقصى بغزة محمد الشامي، الذي وثق الظاهرة في دراسة بعنوان "حرف وصناعات تراثية أعادها الغزيون للحياة خلال الحرب"، فازت بجائزة المكتبة الوطنية الفلسطينية للبحوث والدراسات في دورتها الثانية، لفرادة موضوعها وتوثيقها الإنساني لواحدة من أكثر مراحل غزة قسوة.
وقال الشامي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) في تواصل عن بُعد من غزة، إن فكرة البحث ولدت من الميدان، حين لاحظ لجوء الأهالي إلى الحرف القديمة بعد منع الاحتلال دخول المستلزمات الأساسية، مضيفا: "أردت أن يكون هذا البحث شهادة للتاريخ وللأجيال المقبلة على صمود أهل غزة".
وأضاف، "بينما دمر الاحتلال المخابز ومنع إمدادات الغاز، عاد أهل غزة إلى إنتاج الخبز على نار الحطب التي أنارت لهم ظلمة ليلهم وبعثت في أجسادهم دفئها، وبينما خرّب الاحتلال شبكات توزيع المياه أحيا الغزيون مهنة السقّا بما تيسر لهم من أوعية وبراميل".

ومن هنا، يقول الشامي، انطلقت فكرة توثيق كيف حوّل أهل غزة حرمان الاحتلال لهم من أبسط مقومات الحياة إلى دافع لإحياء تراثهم وصناعاتهم اليدوية، لتصبح هذه العودة ليس فقط وسيلة للعيش، بل تصدياً للعدوان وصوناً للهوية.
وأكد الشامي أن هذه المهن أعادت ربط أهل غزة بجذورهم الاقتصادية والثقافية، فغزة كانت تاريخياً مدينة عامرة بالصناعات التراثية مثل صناعة الصابون والفخار، وكانت أسواقها – كسوق الفواخير والإسكافية – شاهداً على تاريخ غني بالإبداع اليدوي، مؤكدا أن "المهن التراثية ليست مجرد رزق يومي، بل ذاكرة حية لتاريخ طويل من الكرامة والعمل".
ونوه إلى أن هذه الحرف التراثية شكلت شريان حياة لعدد كبير من العائلات، إذ ساعدت على توفير فرص عمل، خاصة للنساء والشباب، لا سيما أنها لا تحتاج إلى مواد خام معقدة أو موارد، بل تعتمد على ما هو متاح، وهذا ما جعلها قابلة للحياة حتى في أكثر الظروف قسوة.
وشدد الشامي على ضرورة توثيق المهن التراثية وإدراجها في قوائم التراث الثقافي غير المادي لحمايتها ونقلها إلى الأجيال المقبلة، مؤكدا أن "التراث ليس ترفا ثقافيا، بل ركيزة للهوية ووسيلة للبقاء".
--(بترا)
ب ن/ن ح/اح

12/10/2025 19:58:23

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

 



 

 

 

 

 
 

جميع الحقوق محفوظة لوكالة الأنباء الأردنية © 2025