الاخبار
 

                                                                                                                   

الرئيسية                 إتصل بنا    English

 

              
 

 

38/ تحقيقات/ "الاستراتيجية الإعلامية الثانية".. مُدن للدِّراية وبث الوعي لحماية الحقيقة من التضليل      

 

  عمَّان 22 تشرين الثَّاني (بترا) بركات الزيود- يواصل الأردن جهوده في حماية المجتمع والإنسان من وباء المعلومات وتزييف الوعي وتغييب الحقيقة، فأقرّ مجلس الوزراء الأسبوع الماضي الإستراتيجية الوطنية الثانية لنشر الدراية الإعلامية والمعلوماتية للأعوام 2026-2029.
وتضمن الإستراتيجية 6 مجالات حددت بدقة لتشمل كل أفراد المجتمع، عبر بث الوعي والدخول إلى التعليم والثقافة بشكل أوسع، وإنشاء مُدن خاصة بالدراية الإعلامية والمعلوماتية لمواجهة تزييف الوعي والوقاية من مخاطر الإعلام الرقمي وتشويه الواقع والحقيقة.
وقال أمين عام وزارة الاتصال الحكومي، الدكتور زيد النوايسة، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الاستراتيجية الوطنية الثانية للدراية الإعلامية والمعلوماتية تمثل امتدادًا لجهود الأردن في تحصين المجتمع من وباء الأخبار الزائفة وحماية الأجيال من التضليل وتزييف الوعي الذي تفاقم مع التحولات الرقمية خلال العقدين الماضيين.
وأضاف أن الاستراتيجية، التي أقرّها مجلس الوزراء أخيرًا، تُجسّد استمرار العمل الوطني المنظّم لمكافحة ظواهر الأخبار الكاذبة والمضللة والإشاعات وخطاب الكراهية، وقد جرى إعدادها بتكليف من وزارة الاتصال الحكومي، وبالتعاون مع معهد الإعلام الأردني، وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وبيّن أن الاستراتيجية تستهدف بناء مجتمع واعٍ ومتمكن رقميًا ومعلوماتيًا، يتفاعل بمسؤولية مع وسائل الإعلام ومصادر المعلومات، ويسهم في تعزيز الثقة العامة وترسيخ قيم الشمول والمساواة والمرونة في البيئة الرقمية المعاصرة.
وأكد النوايسة أن الأردن يُعد من الدول الرائدة عربيًا وإقليميًا في ترسيخ مفاهيم الوعي الإعلامي والمعلوماتي، وقد تجسّد هذا التقدير الدولي باستضافة المملكة للأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية لعام 2024 الذي تنظمه اليونسكو.
وتتضمن الاستراتيجية الثانية ستة مجالات، أولها الحوكمة، ويشمل الأطر التنظيمية والسياسات، وتنفيذ مبادرات عبر تشكيل فريق وطني، وتسمية ضباط ارتباط في الوزارات والمؤسسات، وبناء شبكة شركاء من المجتمع المدني، ودراسة إنشاء مركز أردني للدراية الإعلامية بالتعاون مع معهد الإعلام الأردني، وإدماج مفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية في السياسات والاستراتيجيات الوطنية، واستحداث تعليمات تنظيمية داعمة.
أما المجال الثاني فهو بناء القدرات الوطنية، ويهدف إلى رفع جودة التدريب واستهداف جميع الفئات المجتمعية، وتطوير برامج تدريبية وتوعوية للشباب والفتيات في مجالات مكافحة التضليل الإعلامي، والتحقق من المعلومات، ومواجهة خطاب الكراهية.
ويتضمن المجال الثالث وهو الإدماج في النظام التعليمي الوطني استكمال إدماج كفايات ومفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج المدرسية والخطط الجامعية، وتوسيع تدريب المعلمين والمعلمات وأعضاء الهيئة التدريسية بالجامعات، وتشجيع إنشاء أندية طلابية متخصصة لتعزيز التعلم التفاعلي والمشاركة.
ويسعى المجال الرابع وهو التوعية والتعلّم المستمر إلى إنشاء منصة وطنية رقمية للتعلم الذاتي والتطوير المستمر، وتعزيز دور وسائل الإعلام والمجتمع المدني والمؤسسات الشبابية والثقافية العامة والأهلية.
فيما يركز المجال الخامس "مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية" على تطوير نماذج أردنية لمدن الدراية الإعلامية، وإدماج المفاهيم في السياسات والخطط التنظيمية فيها، ودعم انضمامها إلى شبكات المدن العالمية، بينما يهدف المجال السادس "التمويل والاستدامة" إلى تطوير نموذج تمويل مستدام يعتمد على مصادر حكومية ووطنية ودولية لضمان استمرار المبادرات والبرامج.
بدوره، أكد عميد معهد الإعلام الأردني، الدكتور زياد الرفاعي، في تصريح لـ"بترا"، أن تأثير المواقع الإخبارية والاتصالية ووسائل التواصل الاجتماعي بات واضحًا على مختلف جوانب الحياة الشخصية والعائلية والمجتمعية والوطنية.
ولفت إلى أنه رغم الفوائد الكبيرة لهذه الوسائل، إلا أنها تحمل أيضًا العديد من المخاطر والآثار السلبية، مثل نشر معلومات خاطئة ومضللة، وتداول شائعات، وتعزيز خطاب الكراهية والتنمر، وغيرها من الظواهر التي أصبحت تؤثر بشكل مباشر على الرأي العام.
وبيّن أن العديد من دول العالم تولي أهمية متزايدة لنشر الوعي الإعلامي والمعلوماتي لتعزيز قدرة الأفراد على حماية أنفسهم من هذه المخاطر، في ظل تحول هذه الوسائل إلى جزء من حياتهم اليومية.
وأوضح الرفاعي أن التحدي الأكبر أمام الدول يتمثل في إيصال هذه المعارف والمهارات إلى مختلف فئات المجتمع، وإدماجها ضمن برامج ومؤسسات متعددة، مشيرًا إلى أن ما تسعى الاستراتيجية الوطنية الجديدة إلى تحقيقه يتم عبر تضمين نشاطات متنوعة في جميع مؤسسات الدولة، ضمن مجالات واضحة، ولكل مجال أهداف محددة، وجهات تنفيذية، وجمهور مستهدف، وموازنات مرصودة، وآليات للمتابعة والتقييم.
وأكد أن الأردن بات اليوم من الدول السباقة إقليميًا ودوليًا في هذا المجال، وأن تجربته تُعد نموذجًا تعتمد عليه المنظمات الدولية، وفي مقدمتها اليونسكو، الداعم الرئيسي لبرامج الدراية الإعلامية والمعلوماتية.
وأشار الرفاعي إلى أن هذه الاستراتيجية ما كانت لتتحقق لولا قناعة الحكومة، ممثلة بوزارة الاتصال الحكومي، بأهمية هذا الملف وما يرتبط به من مخاطر، إضافة إلى التزام وزارتي التربية والتعليم والشباب بتضمين مهارات الدراية الإعلامية والمعلوماتية في مناهجها وأنشطتها، وتدريب كوادرها على نشرها.
وختم بالتأكيد على أن معهد الإعلام الأردني سيواصل، بالتعاون مع الأردن واليونسكو، تقديم الدعم الفني اللازم لضمان ترسيخ هذه الجهود واستدامتها.
وقالت أستاذة الإعلام الرقمي والمدربة الدولية في مجال التربية الإعلامية، الدكتورة بيان القضاة، في تصريح لـ"بترا"، إن الأردن حقق إنجازات مهمة خلال الاستراتيجية الوطنية الأولى للدراية الإعلامية والمعلوماتية (2020–2023)، أبرزها إدماج مفاهيم ومهارات الإعلام والمعلومات في مناهج الصفوف 7 و8 و10.
وأضافت أنه وفق الاستراتيجية الثانية، فقد جرى اعتماد إطار وطني رسمي لإدماج كفايات التربية الإعلامية والمعلوماتية في المناهج المدرسية، ليشمل مواد مثل اللغة العربية والدراسات الاجتماعية والحاسوب والأنشطة الطلابية وغيرها.
وبيّنت القضاة أن الاستراتيجية الأولى تضمنت تدريب مدربين ومعلمين (ToT) عبر معهد الإعلام الأردني لنقل المعرفة إلى زملائهم في المدارس، موضحة أن نسبة جيدة من الأهداف التدريبية قد تحققت.
وأضافت أنه وفق اليونسكو، جرى تأسيس أندية للدراية الإعلامية في عدد من المدارس الحكومية لتدريب الطلبة على مهارات تحليل الإعلام، وتحرير الصور، وفهم الإعلانات، والتعامل مع خطاب الكراهية، وتعزيز الأمن الرقمي.
وأشارت إلى وجود شراكة مؤسسية واضحة بين معهد الإعلام الأردني ووزارات الاتصال الحكومي والتربية والتعليم والثقافة، والمركز الوطني لتطوير المناهج، ما يسهم في تعزيز تنفيذ الاستراتيجية، إلى جانب البيئة التشريعية الداعمة، مثل قانوني حق الحصول على المعلومات والجرائم الإلكترونية، اللذين أسهما في توفير إطار تنظيمي يساعد على ترسيخ مهارات الدراية الإعلامية.
وأكدت القضاة أن الاستراتيجية الأولى لم تقتصر على مرحلة التأسيس، بل وضعت آليات للانتشار والاستدامة، ما مكّنها من تحقيق قاعدة صلبة في مجالات تدريب المعلمين، والدمج في المناهج، والتوعية، وتطوير الأطر المؤسسية.
وأضافت أن الاستراتيجية الثانية من المتوقع أن تتوسع في تدريب أعداد أكبر من المعلمين، سواء في المدارس الحكومية أو الخاصة، والانتقال من التدريب التأسيسي إلى تدريب المدربين، ورفع المعايير المهنية للمختصين في هذا المجال، إلى جانب توسيع دمج مفاهيم الدراية الإعلامية والمعلوماتية في معظم المواد الدراسية، وتطوير محتوى تدريسي عملي يتضمن كتبًا ووحدات وأنشطة تطبيقية تُشرك الطلبة بصورة فعلية في تحليل المحتوى الرقمي.
ولفتت إلى أن الاستراتيجية الجديدة تتوقع توسعًا في إنشاء أندية للتربية الإعلامية، وإشراك الشباب ومؤسسات المجتمع المدني في حملات توعوية حول الأمان الرقمي والذكاء الاصطناعي، وإعداد مدربين محترفين، وإنتاج موارد تدريبية مستدامة، إلى جانب حماية الخصوصية الرقمية، وإطلاق برامج توعوية للمواطنين حول حماية بياناتهم والتعامل الواعي مع المنصات الرقمية، إضافة إلى إدماج مفاهيم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة، وتدريب الأفراد على فهم المحتوى المنتج بالذكاء الاصطناعي ومخاطر التزييف العميق.
كما تتضمن الخطة بناء نموذج "مدن الدراية الإعلامية"، التي ستكون مراكز لنشر الوعي الإعلامي والمعلوماتي، عبر إنشاء مكاتب معلومات تقدم خدمات تدريبية وتوعوية ونشاطات مجتمعية.
وأكدت القضاة أن تطبيق هذه الاستراتيجيات بدعم رسمي سيُسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا رقميًا، وأقل تأثرًا بالمعلومات المضللة، ويُنشئ جيلًا يمتلك مهارات التفكير النقدي والعلمي تجاه المحتوى الإعلامي، إضافة إلى تعزيز المجتمعات المحلية كنماذج للوعي الإعلامي، وتحسين حماية الخصوصية الرقمية، وتوسيع المشاركة المجتمعية في إنتاج محتوى إعلامي إيجابي وبنّاء.
وأشارت إلى أن الأردن من أوائل الدول في المنطقة التي أقرت استراتيجية وطنية للدراية الإعلامية، وأن الاستراتيجية الثانية تؤكد أن الأردن أصبح "أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعتمد سياسة وطنية واضحة ومستمرة في مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية"، ما يكرّس موقعه الريادي إقليميًا في هذا المجال.
--(بترا)
ب ص/ن ح


22/11/2025 16:21:07

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

 



 

 

 

 

 
 

جميع الحقوق محفوظة لوكالة الأنباء الأردنية © 2025