الاخبار
 

                                                                                                                   

الرئيسية                 إتصل بنا    English

 

              
 

 

56/ تحقيقات/ في اليوم العالمي للتلفزيون.. الاعلام الملتزم يواجه مخاطر النشر الرقمي      

 

  عمان 21 تشرين الثاني (بترا)- بشرى نيروخ -
في ظل التحول الرقمي المتسارع، يواجه التلفزيون التقليدي تحديات كبيرة تفرض إعادة صياغة دوره في حياة المجتمع الحديث، بحسب خبراء ومختصين.
ويبلغ عدد المحطات الفضائية المرخصة في الأردن نحو 19 محطة بحسب بيانات الموقع الإلكتروني لهيئة الإعلام المرئي والمسموع.
المختصون بينوا في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) بمناسبة اليوم العالمي للتلفزيون الذي يصادف اليوم الجمعة، أهمية دور الإعلام الملتزم بشكل عام كوسيلة فاعلة لتعزيز الحقيقة والمبادئ الأخلاقية، ودور التلفاز بشكل خاص في تشكيل الوعي والثقافة والقيم المجتمعية، إذ لم تعد وسائل الإعلام مجرد أدوات ترفيه أو إخبار، بل أصبحت جزءًا مهمًا من نسيج المجتمع، تؤثر على وعي أفراده وسلوكهم، وتسهم في تشكيل الرأي العام.
وأشادوا في الوقت ذاته بدور الأردن في تقديمه نموذجًا فريدًا في تطوير الإطار التشريعي المنظّم لقطاع الإعلام، ولا سيما المرئي والمسموع، بما يعكس إدراكًا رسميًا لأهمية التلفزيون ودوره في ترسيخ الوعي العام.
أستاذ الإعلام الرقمي المشارك ومدير مركز التدريب الإعلامي في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، أكد أن منصات البث الرقمي أحدثت تغيراً كبيراً في عادات المشاهدة في الأردن، خاصة بين الشباب وسكان المدن الحديثة.
وقال الرجبي في حديث لـ(بترا) : "أصبح التلفاز التقليدي يُستخدم بشكل رئيسي لمتابعة الأخبار والفعاليات الوطنية والدراما في المواسم، بينما تحولت المشاهدة العالمية للأفلام والمسلسلات إلى منصات مثل نتفليكس ويوتيوب والمنصات العربية، مع تفضيل المشاهدة المرنة عبر الهواتف الذكية بدلاً من الشاشات الكبيرة".
وأشار إلى أهم التحديات التي تواجه الإعلام التقليدي، ومنها "شيخوخة نموذج الإعلان التلفزيوني، وهجرة المعلنين إلى منصات التواصل الاجتماعي الرقمية التي توفر استهدافاً دقيقاً للجمهور، وضعف البيانات المتعلقة بالجمهور، بالإضافة إلى التكاليف المرتفعة للتحول التقني وتعقيدات حقوق الملكية الفكرية".
ولفت الرجبي إلى أن هذه التحديات تخلق فرصاً جديدة، مثل "إنتاج محتوى محلي عالي الجودة قابل للبيع على منصات البث العالمية، وإنشاء منصات رقمية جديدة، واستثمار الأرشيف التلفزيوني، وربط الشاشة التقليدية بمنصات التواصل الاجتماعي لبناء مجتمع تفاعلي حول البرامج".
وأكد، أن المقاييس التقليدية لم تعد كافية لتقييم أداء المحتوى الإعلامي، داعياً إلى "دمجها مع مؤشرات رقمية، مثل المشاهدات عند الطلب، ومدة المشاهدة، ومعدلات التفاعل، ونسب إكمال الحلقات، بالإضافة إلى قياس الأثر عبر استطلاعات الرأي ولوحات التتبع الرقمية".
وشدد على أهمية تطوير "لوحات قياس متكاملة (Dashboard) تربط بيانات البث الأرضي والفضائي والمنصات الرقمية، مما يوفر رؤية شاملة للانتشار ويسهم في تقديم مؤشرات دقيقة تعكس الواقع الفعلي للمشاهدة".
وأكّد الدكتور يوسف محمد الشرمان، أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية، أن التلفاز أصبح وسيلة إعلامية مؤثرة تفرض حضورها في كل بيت، مشيرًا إلى دوره المحوري في تشكيل سلوكيات الأفراد وثقافتهم، حيث حلّ في كثير من الأحيان مكان الأسرة والمدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية.
وأوضح الشرمان، أن التلفاز يلعب دورًا رئيسيًا في غرس القيم المجتمعية من خلال أساليب متنوعة كالترغيب والترهيب والتحذير، مستندًا إلى حقيقة أن السلوكيات الإنسانية مكتسبة عبر التكرار والمشاهدة.
وأضاف، أن تنوع البرامج والمضامين الإعلامية التي يقدمها التلفاز يجعلها مقبولة لدى شرائح المجتمع المختلفة، حيث يواكب اهتماماتهم، ويعكس تنوعهم الثقافي والعرقي.
ولفت إلى أن التلفاز لم يعد مجرد وسيلة ترفيه أو إخبار، بل أصبح جزءًا من النسيج الثقافي للمجتمع، حيث يساهم في تعزيز القيم الاجتماعية من خلال إنتاج محتوى يعكس الهوية المحلية، كالدراما والبرامج الوثائقية والحوارية التي تدعم التراث الثقافي والحضاري، مع التركيز على تعزيز اللغة العربية والهوية الدينية لدى النشء.
وأشار الشرمان إلى نظرية "الغرس الثقافي" لجورج غربنر، التي تؤكد أن التعرض المطول للتلفاز يشكّل تصورات المشاهدين عن الواقع، حيث تعتمد مصداقية الرسالة الإعلامية على عوامل، مثل مصداقية المصدر وجاذبية المحتوى، مما يعزز تأثيرها في تغيير المواقف والسلوكيات.
وأكد، أن التلفاز أصبح أداة فعالة للضبط الاجتماعي، حيث يوجه الجمهور نحو السلوكيات الإيجابية، ويحذر من السلبية، من خلال عرض نماذج ناجحة تشكل قدوة للمتابعين.
كما لفت إلى أن بعض العادات القديمة اختفت وحلّت محلها عادات جديدة نتيجة العرض المتكرر لرسائل إعلامية مؤثرة، مشيرًا إلى أن جائحة كورونا كانت مثالًا واضحًا على هذا التحوّل.
أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين، قال: قدّم الأردن نموذجاً فريداً في تطوير الإطار التشريعي المنظّم لقطاع الإعلام، ولا سيما الإعلام المرئي والمسموع، بما يعكس إدراكاً رسمياً لأهمية التلفزيون ودوره في ترسيخ الوعي العام وصناعة الرأي وتقديم المعرفة.
وجاء هذا التطور ضمن مسار دستوري وقانوني متدرّج استهدف تعزيز حرية التعبير وحماية العمل الإعلامي وضمان مهنية الممارسة؛ إذ شهد عام 2011 جملة من التعديلات الدستورية التي هدفت إلى تكريس الحماية القانونية لوسائل الإعلام، ونصّت صراحة على عدم جواز تعطيلها أو إغلاقها إلا وفق أحكام القانون، الأمر الذي أرسى منظومة أوسع من الضمانات التي تحكم البث التلفزيوني والإعلام المرئي والمسموع في البلاد، وفقا لنصراوين.
?ولفت إلى أن المادة (15) من الدستور، بحلتها المعدّلة في عام 2011، والتي كفلت حرية الرأي والصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام، شكّلت مظلة دستورية ألقت على عاتق المشرّع الوطني مسؤولية تطوير التشريعات الناظمة للإعلام وتعديلها بما يحقق التوازن بين الحرية والمسؤولية، ويحمي المؤسسات التلفزيونية من القيود غير المبرّرة، ويضمن أن تكون إجراءات التنظيم والإشراف قائمة على أسس واضحة ودقيقة.
?وبين، أن قانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 2015 يعد التشريع الأهم في تنظيم العمل التلفزيوني؛ فهو الإطار القانوني الذي يضبط إجراءات الترخيص وشروط الاعتماد، ومعايير المحتوى، والالتزامات الواقعة على المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة. وقد منح هذا القانون هيئةَ الإعلام صلاحيات واسعة لضمان التزام القنوات بالمعايير المهنية، وتنظيم سوق البث، وحماية الجمهور، ووضع ضوابط دقيقة للإعلانات، ومنع الاحتكار، وتحديد قواعد البث عبر الأقمار الصناعية والمنصّات الرقمية.
?وأضاف، توازى ذلك مع أحكام قانون الاتصالات لعام 1995 وتعديلاته، والذي ينظّم إدارة الطيف الترددي بوصفه مورداً وطنياً يرتبط مباشرة بعمل القنوات التلفزيونية، ولا سيما البث الأرضي، وأسهم قانون المطبوعات والنشر لعام 1998 وتعديلاته في ضبط العلاقة بين المؤسسات الإعلامية والجمهور، خصوصاً بعد إدخال النشر الإلكتروني ضمن نطاقه، بما عزّز من المسؤولية القانونية للمحتوى المعروض على الشاشات والمنصّات الرقمية وربطه بمعايير مهنية وأخلاقية تضمن جودة الخطاب الإعلامي.
?كما مثّل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لعام 2007 خطوة نوعية أسهمت في دعم حرية الإعلام، إذ مكّن الصحفيين والمؤسسات التلفزيونية من الوصول إلى مصادر الأخبار بصورة منظّمة وقانونية، الأمر الذي رفع من مستوى المهنية، ورسّخ ثقافة الشفافية في العمل التلفزيوني. ووفّرت التشريعات الخاصة بالملكية الفكرية حماية متقدمة للمحتوى التلفزيوني والدرامي والإنتاج الإعلامي، وأسهمت في الحد من القرصنة والاعتداء على حقوق القنوات ومقدّمي البرامج، بما يعزّز الاستثمار في الإنتاج المرئي، ويشجّع على التنافس عبر الجودة لا عبر الالتفاف على الحقوق، بحسب نصراوين.
?ولفت إلى أنه مع التحوّل الرقمي المتسارع، برز قانون الجرائم الإلكترونية بوصفه إطاراً تشريعياً حديثاً يوفّر حماية إضافية للفضاء الإعلامي، عبر إفراد عقوبات رادعة للجرائم المرتكبة عبر الوسائط الإلكترونية، ومكافحة الأخبار المضللة وخطاب الكراهية والاعتداءات الرقمية التي تستهدف المحتوى التلفزيوني، سواء أكانت قرصنة أم إعادة نشر غير مشروع أم تشويهاً للمواد الإعلامية أم انتحالاً للصفحات الرسمية للقنوات على المنصّات الرقمية، وقد أسهم هذا القانون في تعزيز ثقة الجمهور بالمحتوى الإعلامي، وفي ضمان بيئة قانونية تحمي المواد التلفزيونية وحقوق البث في العصر الرقمي.
يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبرت يوم 21 تشرين الثاني يومًا عالميًا للتلفزيون، احتفالاً بذكرى اليوم الذي انعقد فيه أول منتدى عالمي للتلفزيون.
وجاء هذا الحدث بوصفه اعترافًا بالتأثير المتزايد للتلفزيون في عملية صنع القرار، وهو ما عنى الاعتراف بالتلفزيون كوسيلة أساسية في إيصال المعلومة إلى الرأي العام وإيصاله والتأثير فيه، ولا يمكن إنكار أثره في السياسة العالمية وحضوره فيها وتأثيره في مجرياتها.
--(بترا)
ب ن/م ق

21/11/2025 20:13:34

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

 



 

 

 

 

 
 

جميع الحقوق محفوظة لوكالة الأنباء الأردنية © 2025