84/ تحقيقات/بلديات المستقبل .. الأردن يبدأ مرحلة جديدة في الإدارة المحلية وخدمة المواطن |
عمان 6 تموز (بترا)– ضرغام العزة- في خطوة تُجسّد توجهها نحو تحديث منظومة الإدارة المحلية وتعزيز مبدأ الحوكمة الرشيدة، وتطبيقا لما تعهدت به في البيان الوزاري عند تكليفها، حلّت الحكومة المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمّان الكبرى؛ تمهيدًا لإطلاق مرحلة جديدة من بلديات المستقبل تستند إلى التشريعات المُحدَّثة والرؤى التنموية الشاملة وصولا إلى خدمة المواطن وبشكل نوعي. مختصون أكدوا، في حديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن هذا القرار يشكل محطة مهمة في مسيرة تطوير الإدارة المحلية في الأردن، حيث يعكس استجابة واقعية للفجوات المتراكمة في أداء المجالس المحلية، ويهيء الأرضية المناسبة لإصلاحات تشريعية تُعزز الشفافية والكفاءة، تمكّن المواطنين من تمثيل فعّال يُلبّي تطلعاتهم التنموية والخدمية. وفي هذا السياق، يؤكد المدير التنفيذي في مركز الحياة – راصد، عمرو النوايسة، أن قرار الحكومة يمثّل محطة مفصلية في مسار تحديث الإدارة المحلية في الأردن، وجاء استجابة واقعية لفجوات متراكمة في الأداء وخلل في تمثيل المواطنين وفاعلية المجالس. وأشار إلى أن دراسة راصد الأخيرة كشفت عن تحديات هيكلية ووظيفية واضحة، أبرزها ضعف التشاركية، وتراجع الشفافية، وتداخل الصلاحيات بين المجالس والأجهزة التنفيذية، وهو ما أسهم في تآكل الثقة الشعبية. وشدّد على أن إعادة النظر في التشريعات الناظمة لعمل المجالس لم تعد ترفًا إصلاحيًا، بل ضرورة وطنية تتطلب مراجعة جذرية متسقة مع مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. كما دعا النوايسة إلى تبني أدوات تقييم أداء دقيقة ومقاييس مبنية على الأدلة، تضمن مساءلة فاعلة، وتُفضي إلى تحسين ملموس في حياة المواطنين وتعزيز الحوكمة الرشيدة. من جانبه، رأى عضو مجلس النواب ورئيس اللجنة الإدارية النيابية الأسبق، الدكتور علي الحجاحجة، أن قرار حل المجالس جاء هذه المرة في توقيت مبكر ومدروس، بما يتيح متسعًا كافيًا لإجراء تعديلات تشريعية ناضجة بمعزل عن الضغوط السياسية أو الحسابات اللحظية. وأوضح أن التجارب السابقة أظهرت أن بقاء المجالس في مواقعها حتى اللحظات الأخيرة قبيل الانتخابات العامة كان يُستغل لأغراض انتخابية، مما يؤثر على العدالة ويقوّض مبادئ الديمقراطية في اتخاذ القرارات. وأشار الحجاحجة إلى أن التوقيت الحالي يمنح اللجان المؤقتة التي ستدير شؤون البلديات فرصة للعمل المهني والحيادي، بعيدًا عن التجاذبات، مؤكدًا ثقته بأن من سيتم تكليفهم هم من أصحاب الكفاءات والخبرة. وشدّد على أهمية استثمار هذه المرحلة لإجراء حوارات وطنية وقانونية موسعة، تُشارك فيها الجهات المختصة وأصحاب الرأي، تمهيدًا لقانون إدارة محلية متطور يراعي المصلحة الوطنية، خاصة في ظل التوجيهات الملكية للحكومة بضرورة إجراء الانتخابات المحلية في موعدها ضمن بيئة تشريعية ناضجة وتشاركية. وفي السياق ذاته، اعتبر رئيس بلدية جرش السابق، الدكتور علي قوقزة، قرار الحكومة خطوة استباقية جاءت في وقتها الصحيح، وعبّر عن ارتياح واسع في أوساط المتابعين لأداء البلديات والإدارة المحلية. ولفت إلى أن تداول أخبار حل المجالس مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دفع بعض رؤساء البلديات، وخاصة من ينوون الترشح مجددًا، إلى اتخاذ قرارات هدفها كسب التأييد وشراء الذمم، سواء بطرق قانونية أو غير قانونية، ما قد يوثّر على نزاهة العمل البلدي وشفافيته. وأكد قوقزة أن القرار الحكومي قطع الطريق على محاولات استغلال المال العام والمخصصات البلدية لأغراض انتخابية في اللحظات الأخيرة، وساهم في حماية المصلحة العامة وتوجيه الموارد نحو الأهداف الحقيقية للتنمية. وأعرب عن ثقته بأن القانون الجديد المنتظر سيكون منسجمًا مع الرؤية الملكية الشاملة، ومع مخرجات لجان التحديث السياسي والإداري والاقتصادي، ليُعيد للبلديات دورها التنموي لا الخدمي فقط، مضيفا أن البلديات تمتلك القدرة – إذا ما تم تمكينها – على قيادة مشاريع كبرى وتنفيذ خدمات متعددة القطاعات، بما يشمل الصحة والتعليم والبنية التحتية، لتتحول إلى رافعة وطنية فاعلة وشاملة تخدم كل رقعة من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية. وكشف وزير الإدارة المحليَّة المهندس وليد المصري، خلال تقديمه إيجازا لمجلس الوزراء، واقع حال المجالس البلدية، ودراسة وضع الحلول الممكنة، خصوصاً ما يتعلَّق بالواقع المالي وحوكمة العمل وتحسين الأداء. وبين أنَّ الرواتب شكَّلت ما نسبة 113 بالمئة من إجمالي التحويلات الحكومية المخصصة للبلديات في عام 2024 من الموازنة العامَّة، وهي ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي إيرادات البلديَّات (إيرادات ذاتيَّة وتحويلات حكوميَّة)، لافتاً إلى أنَّ إجمالي إيرادات البلديات ومجالس الخدمات بلغ 340 مليون دينار خلال العام الماضي، شكلت الإيرادات الذاتية منها ما نسبته 36 بالمئة. --(بترا) ض ع/أز/ه ح
06/07/2025 20:18:32
|