69/ تحقيقات/ الأردن يواصل حماية الملكية الفكرية ويسجِّل نحو 200 ألف علامة تجارية |
عمَّان 26 نيسان (بترا)- بُشرى نيروخ- يواصل الأردن حماية الملكية الفكرية على مدار أكثر من مئة عام، لإيمانه بأنَّ هذه الملكية تُسهم في دعم الإبداع وحماية حقوق المبدعين والمبتكرين، واستمر بتطوير تشريعاته أولًا بأول، حيث تُشير أرقام إحصائيات السِّجل الخاص بمديرية حماية الملكية الصناعية في وزارة الصِّناعة والتجارة والتَّموين إلى أنَّ الأردن سجَّل حتى اللحظة 198 ألفًا و216 علامة تجارية، و3 آلاف و405 براءات اختراع، وألفين و637 نموذجاً ورسوما صناعية. وكالة الأنباء الأردنية (بترا) وبمناسبة اليوم العالمي للملكية الفكرية، والذي يُصادف اليوم السَّبت، عادت إلى جهود الأردن في حماية هذه الملكية منذ تأسيس الأردن عام 1921، وتبين لها أنَّ الحكومات المتعاقبة أولت الملكية الفكرية أهمية كبيرة وأنجزت كل التشريعات النَّاظمة والمتفقة مع المعايير الدولية والقوانين العالمية، بيد أنَّ أبرز التَّحديات التي تواجه هذه الملكية اليوم هو تقنيات الذَّكاء الاصطناعي والحماية الرَّقمية وتجديد التشريعات وتحديث القوانين. مديرة مديرية حماية الملكية الصناعية في وزارة الصِّناعة والتجارة والتَّموين ريا النسور، قالت لـ(بترا) إنَّ للمديرية دوراً مهماً في تمثيل المملكة على المستوى الدولي من خلال مشاركتها المستمرة في المؤتمرات وورش العمل والاجتماعات العالمية؛ لتعزيز مكانة الأردن في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية، وتبادل المعرفة والخبرات مع الدول والمنظمات الدولية، ما يسهم في تطوير التشريعات والسياسات المحلية بما يتماشى مع المعايير العالمية. ولفتت النسور إلى أبرز المشاريع التي تعكف عليها الوزارة والتي من أبرزها، برنامج "تمكين الشباب من مرحلة رياض الأطفال (الحضانة) إلى الثانوية العامة"؛ "الابتكار من أجل مستقبل أفضل بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية ووزارة التربية والتعليم"، وتنفيذ مشروع "عيادة إدارة الملكية الفكرية"، والذي جرى من خلاله عقد عدد من الجلسات وورشات العمل، تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الذكاء الاصطناعي، بهدف إثراء معرفة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالملكية الفكرية، واستدامة مشروع "الملكية الفكرية وريادة الأعمال للسيدات في البترا". وقالت إنَّ الوزارة وبالتعاون مع مخيمات الحسين للشباب أطلقت الدورة الثالثة من البرنامج الهادف إلى تعزيز معرفة الشباب بمفاهيم الملكية الفكرية وريادة الأعمال ، إضافة إلى تعريفهم بالإبداع والابتكار وبراءات الاختراع والعلامات التجارية. وبين المدير العام لشركة أبو غزالة للملكية الفكرية محمود لطوف، أنَّ العالم يشهد تغيرات كبيرة في ميدان التكنولوجيا، ما يفرض تحديات جديدة ومعقدة على منظومة قوانين الملكية الفكرية، لافتا إلى هذه التحديات تبرز بوضوح في ثلاث تقنيات رئيسة تعيد رسم المشهد القانوني بصورة جذرية. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد من أبرز هذه التحديات، إذ أثار العديد من التساؤلات القانونية المتعلقة بحقوق التأليف والملكية، وتُجسِّد القضية التي رفعتها صحيفة نيويورك تايمز ضد شركتي مايكروسوفت و"OpenAI" مثالًا واضحًا على هذه الإشكاليات، حيث تتعلق باستخدام مواد محمية بحقوق النشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، فهذه القضية كشفت عن ثغرات كبيرة في التشريعات الحالية، والتي لم تُعد كافية لمعالجة الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في عمليات الإبداع والابتكار. وبين لجهة تقنية (البلوكتشين) إنها تطرح إشكاليات قانونية فريدة، تتعلق بالاختصاص القضائي وتطبيق قوانين الملكية الفكرية، نظراً لطبيعتها اللامركزية، كما تثير العقود الذكية تساؤلات حول مدى ملاءمتها للأطر القانونية التقليدية، الأمر الذي يدعو إلى صياغة تشريعات جديدة تراعي خصوصية هذه التكنولوجيا الناشئة. وفيما يتعلق بالطباعة ثلاثية الأبعاد، أشار لطوف إلى أنها أحدثت تحولاً نوعياً في مجال التصنيع، لكنها في الوقت نفسه سهّلت عمليات نسخ المنتجات، مما زاد من حالات انتهاك براءات الاختراع والتقليد، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى كفاية حماية حقوق النشر والتصميم في ظل التطورات الرقمية. وعلى المستوى الدولي، فإن الطبيعة العابرة للحدود لشبكة الإنترنت زادت من تعقيد تطبيق قوانين الملكية الفكرية، إذ بات من السهل نسخ وتوزيع المحتوى الرقمي بشكل غير قانوني، ما أدى إلى تصاعد حالات القرصنة وانتهاك حقوق النشر، ويتطلب التصدي لهذه الظاهرة جهودًا دولية متكاملة وتعاونية، بحسب لطوف. وفي دراسة أجريت العام الماضي بعنوان "حماية الملكية الفكرية من خلال مراكز الابتكار الجامعية: نهج الأردن نحو التنمية المستدامة" للدكتورة ليلى برقاوي والدكتورة سارة العراسي من جامعة الزيتونة الخاصة، جرت الإشارة إلى التزام الأردن بتعزيز إطار حماية الملكية الفكرية، لا سيما في قطاع التعليم العالي. وبينت الدراسة أن الجامعات الأردنية أحرزت تقدمًا ملحوظًا من خلال إطلاق مراكز الابتكار وريادة الأعمال، فهذه المؤسسات تعمل كحاضنات، تعزز ثقافةً تُمكّن الإبداع والابتكار من الازدهار في الأوساط الأكاديمية. ويقول استشاري صناعات هندسية ودفاعية الدكتور غازي الخضيري، إنه في عالم يموج بالابتكارات والأفكار الخلاقة، تبرز أهمية الملكية الفكرية كحجر الزاوية في حماية هذه الإبداعات وتحفيز النمو والتقدم في مختلف المجالات. وبين أن البحث العلمي يكتسب مكانة محورية في هذا السياق، فهو المحرك الأساس للابتكار والتطور، حيث تكمن أهمية الملكية الفكرية في مجال البحث العلمي في قدرتها على حماية هذه الاكتشافات والمعارف، ومنح الباحثين والمؤسسات البحثية حقوقًا حصرية لاستغلال نتائج أبحاثهم لفترة زمنية محددة، فهذه الحماية تشجع على الاستثمار في البحث العلمي، حيث تضمن للمستثمرين عائدًا على استثماراتهم وتحفز على مواصلة جهود الابتكار. وأوضح الخضيري بأن براءات الاختراع تحتل مكانة خاصة ضمن منظومة الملكية الفكرية، فهي أداة قانونية تمنح المخترع حقوقًا حصرية لاستغلال اختراعه لفترة محددة، وذلك مقابل الإفصاح عن تفاصيل الاختراع للجمهور، إذ تعتبر براءات الاختراع حافزًا قويًا للابتكار، حيث تشجع الأفراد والشركات على استثمار الوقت والجهد والموارد في تطوير تقنيات ومنتجات جديدة، كما أنها تسهم في نشر المعرفة التقنية، حيث يصبح الاختراع بعد فترة الحماية متاحًا للجميع للاستفادة منه وتطويره. وتابع: إن الملكية الفكرية، بفروعها المختلفة التي تشمل حماية نتائج البحث العلمي والملكية الصناعية وبراءات الاختراع، تمثل نظامًا حيويًا يدعم الابتكار ويحفز النمو الاقتصادي والاجتماعي. وقالت خبيرة الملكية الفكرية المعتمدة، والأستاذ المساعد في القانون الخاص في جامعة العلوم التطبيقية الخاصة، الدكتورة ربى حميدان، إن قانون الملكية الفكرية في الأردن يُعد من القوانين التي تسعى للانسجام بشكل واضح مع القوانين العالمية، خاصة بعد انضمام الأردن إلى عدد من الاتفاقيات الدولية المهمة. وأضافت أن الأردن انضم إلى اتفاقية "تريبس"، وهي جزء من منظمة التجارة العالمية، ما ألزمه بتعديل قوانينه لتكون متوافقة مع هذه الاتفاقية ، إضافة إلى أن الأردن عضو في المنظمة العالمية للملكية الفكرية(WIPO)، وانضم إلى عدد من الاتفاقيات الأخرى كاتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية، واتفاقية بيرن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، ومعاهدة التعاون بشأن البراءات (PCT). وأشارت حميدان إلى أنَّ الأردن قام بتحديث قوانينه باستمرار، وأصدر تشريعات تنظم حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية والتصاميم الصناعية والأسرار التجارية، فهذه القوانين تراعي المعايير الدولية وتمنح حماية قوية لأصحاب الحقوق. وفيما يتعلق بمستوى التطبيق والتنفيذ، لفتت إلى تحسن ملحوظ في آليات تطبيق القانون، داعية إلى تعزيز دور الجهات الرقابية والقضائية في إطار الملكية الفكرية. وأشادت في الوقت ذاته بتعاون الأردن مع منظمات دولية لتعزيز قدراته في إنفاذ القانون، وتدريب الكوادر المختصة. وأوضحت حميدان أهمية سن قوانين أو تعديلات جديدة تعالج الملكية الرقمية صراحة، وتنظيم العلاقة بين المنصات الرقمية ومقدمي المحتوى، واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في رصد الانتهاكات، والتعاون مع المنصات العالمية لضمان تنفيذ قرارات الحماية الرقمية. وعزت أسباب ذلك إلى ضعف التغطية التشريعية للملكية الرقمية، فالقوانين الحالية لا تغطي بشكل كافٍ حقوق النشر للمحتوى الرقمي مثل البث المباشر، المحتوى المنشور على المنصات الإلكترونية، الذكاء الاصطناعي، ووحدة من البيانات المخزنة في السجل الرقمي ورموز غير قابلة للاستبدال (NFTs)، كما لا توجد تنظيمات واضحة حول الترخيص الرقمي، والاستخدام العادل للمحتوى الرقمي، والنسخ الإلكترونية، إضافة إلى غياب إطار واضح لحماية الذكاء الاصطناعي، فلا توجد تشريعات تحدد من يملك المصنف الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي (البرنامج ؟ المستخدم ؟ الشركة؟)، حيث يجب تعديل القانون لمواكبة النقاش العالمي حول حقوق التأليف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. ودعت إلى التعليم والتوعية القانونية الرقمية، فهناك حاجة لتحديث وتعزيز الكوادر القانونية والقضائية في الأردن بمفاهيم الملكية الفكرية الرقمية، من خلال برامج تدريبية ومناهج جامعية. ويشار إلى أنه في العام 2000، حدّدت الدول الأعضاء يوم 26 نيسان – وهو اليوم الذي دخلت فيه اتفاقية "الويبو" حيز النفاذ في عام 1970 – يوماً عالمياً للملكية الفكرية بهدف تعزيز الفهم العام للملكية الفكرية، ومنذ ذلك الحين، ظلّ اليوم العالمي للملكية الفكرية يتيح فرصة فريدة للاحتفال بإسهامات المخترعين والمبدعين حول العالم واستكشاف الكيفية التي تسهم بها الملكية الفكرية في ازدهار الموسيقى والفنون وفي الابتكار التكنولوجي الذي يساعد على بناء عالمنا. --(بترا) ب ن/ ب ص/م ك/ف م
26/04/2025 22:02:15
|